- التفاصيل
- المجموعة: قطعة وحكاية
- الزيارات: 2792
من الجزائر - الشهيدة حسيبة بن بوعلي
حسيبة بن بوعلي .. أصغر أيقونات الثورة الجزائرية
حسيبة بن بوعلي، شهيدة من شهداء الثورة الجزائرية وإحدى أصغر مناضلاتها. يُسر أحوال عائلتها، لم يمنعها من الانضمام إلى صفوف الفدائيين. لتترك حياة الرفاهية، وتقاوم مع رفاقها الاحتلال الفرنسي وتستشهد في سبيل الوطن.
من هي حسيبة بن بوعلي؟
حسيبة بن بوعلي هي رمز من رموز الثورة الجزائرية وواحدة من أيقونات مقاومتها، وشهيدة من المليون ونصف مليون شهيد في سبيل استقلال الوطن وحرية الشعب.، ودحر الاحتلال الفرنسي.
متى ولدت حسيبة بن بوعلي؟
ولدت حسيبة بن بوعلي، في 18 يناير للعام 1938، في بلدة سنجاس الصغيرة عند سفح جبل الونشريس في الأصنام - ولاية الشلف، الواقعة على بعد 14 كم جنوب الولاية.
والدها هو عبد القادر بن بوعلي، كان يعمل في مديرية الزراعة في الحكومة العامة بالجزائر العاصمة، وكانت والدتها مناضلة في جبهة التحرير الوطني.
حياة حسيبة بن بوعلي
كانت حياة حسيبة بن بوعلي مرفهة، فقد نشأت في عائلة ميسورة الحال وبرجوازية. تلقت تعليمها الإبتدائي في مسقط رأسها. واصلت تعليمها في الجزائر العاصمة، بعد انتقال عائلتها إليها في العام 1948.
بعد حصولها على شهادة المدرسة الابتدائية في العام 1950، التحقت بمدرسة ليسيه باستور (ثانوية محمد راسم حالياً)، أمضت فيها عامين، وعُرف عنها اجتهادها وذكاؤها. وكانت تتلقى دروس الموسيقى في نفس الوقت.
بداية مسيرة حسيبة بن بوعلي النضالية
إنضمت إلى الكشافة، وأثناء قيادتها للمشي لمسافات طويلة في جميع أنحاء البلاد، اكتشفت الظروف المعيشية المزرية للجزائريين، خاصة الفلاحين، إنضمت إلى الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، ولم تكن قد بلغت الـ16 عاماً. فانغمست أكثر فأكثر في النضال الوطني، ثم انضمت إلى فريق الدكتور شوليه، الذي كان قد أنشأ للتو عيادة سرية في clos salembier المعروفة حالياً بالمدنية، لتقديم الرعاية للجرحى، كانت تمارس مهنة التمريض أحياناً، وأحياناً أخرى الرعاية الاجتماعية، بدلاً من والدتها، الناشطة في جبهة التحرير الوطني.
نشاط حسيبة بن بوعلي الفدائي
مطلع العام 1955 إنضمت إلى صفوف الثورة التحريرية، وهي في سنّ الـ17 كمساعدة اجتماعية. برز نشاطها في نهاية العام 1956، حين انضمت حسيبة إلى إحدى مجموعات الفدائيين في الجزائر العاصمة، وأصبحت عنصراً نشطاً في فوج الفدائيين المكلفين بصنع ونقل القنابل.
كانت مسؤولة عن نقل القنابل وزرعها في المكان المُستهدف. إذ كانت ملامحها الخارجية أوروبية، لا تلفت نظر جنود الاحتلال الفرنسي، ما سهّل إنجاز المهمات الموكلة إليها. سواء بنقل القنابل أو بنقل الإمدادات من مستشفى مصطفى باشا، الذي تطوعت فيه للقيام بدورة إسعافات أولية، ما أتاح لها الوصول بسهولة إلى المواد المستخدمة في صناعة القنابل.
المجموعة التي انضمت إليها، "شبكة القنابل" التابعة لياسف سعدي، كانت تتكون بشكل أساسي من الطلاب، منهم عبد الرحمن طالب والدكتور دانيال تيمسيت، الخلية كانت سرية في بير خادم، لكن تم تعقبها والعثور عليها، في سبتمبر 1956 ووقعت عدة اعتقالات.
ملاحقات واعتقالات
في أكتوبر من العام 1956، تم الإبلاغ عن حسيبة ورفاقها من أحد الخونة لشرطة الاحتلال الفرنسي، التي كثفت جهودها للبحث عنها، لكنها تمكنت من الإفلات منهم، ما اضطرها لمغادرة بيت عائلتها نهائياً، والاختباء في قلب القصبة العتيقة.
وصف شخصية حسبية بن بوعلي
وُصفت شخصية حسيبة بن بوعلي، خلال مرحلة الدراسة، بالمجتهدة والذكية والجدية. تمتعت بحس المسؤولية منذ صغرها. فتحملت مع رفاقها مسؤولية تحرير الوطن من الاحتلال، ولا زالت في سنّ المراهقة، ملتزمة وصاحبة مبدأ، التزمت بقضيتها التزاماً تاماً. وبالرغم من ملاحقة جنود الاحتلال لها، لم تحد عن مبادئها، ولم تتخلَ عن قضيتها، ولم تساوم عليها. توصف حسيبة بن بوعلي بالشجاعة والجريئة والمقدامة. فهي أنجزت مهاماً خطيرة، بالنسبة إلى سنّها، من دون تردد. لم تخشَ الموت، بل على العكس من ذلك، تمنت الشهادة في سبيل الجزائر وتحريرها.
بالرغم من هذه الصلابة، فقد كانت حسيبة بن بوعلي حساسة وحنونة، واكتسبت رقتها وحسها المرهف من الموسيقى التي كانت تعزفها، ووصفت بجمال الملامح والروح.
ألقاب حسيبة بن بوعلي
وأُطلق على حسيبة بن بوعلي ألقاب كثيرة، منها زهرة المقاومة، و la benjamine وتعني بالعربية صغيرة العائلة. وربما أطلق عليها هذا اللقب لأنها كانت الأصغر بين رفاقها الفدائيين.
متى استشهدت حسيبة بن بوعلي؟
محاصرة وتهديد حسيبة ورفاقها : يوم الأحد 8 أكتوبر 1957، كانت حسيبة في 5 شارع عبد الرحمن، مع رفاق نضالها علي لابوانت وعمر الصغير وحميد بوحميدي.
وقد تم الوشاية بهم من أحد الخونة، علم الاحتلال الفرنسي بمكان الفدائيين السري وتحديداً الشهيد علي لابوانت الذي كان قد دوّخ قادة الاحتلال الفرنسي. عند حلول الظلام، أحاط المظليون الفرنسيون بالمنزل، ودعوا المجموعة الفدائية للاستسلام.
استشهاد حسيبة ورفاقها
ولمّا رفضت المجموعة الاستسلام، فجر مظليو الاحتلال المبنى، وقد كانت حسيبة بن بوعلي تبلغ من العمر يومها 19 عاماً ونصف، استشهدت مع رفاقها تحت الأنقاض.
وتعتبرعملية قتل أعضاء هذه الخلية التي كان علي لابوانت منهم، واحدة من أكثر عمليات الجيش الفرنسي تعقيداً. إذ اضطر لإنزال قوات من المظليين والمشاة بقيادة الجنرال مارسيل بيجار، الذي أمر بتفجير المنزل في نهاية المطاف، وقد أسفر هذا العمل عن انهيار مباني مجاورة، فقتل أيضاً 24 جزائرياً بينهم 8 أطفال.
بحسب أرشيف وزارة الدفاع الفرنسية، فإنه تمّ تحديد هوية الشهداء، علي لابوانت وحسيبة وبوحميدي وعمر الصغير من قبل عائلاتهم. استشهدت حسيبة بن بوعلي ورفاقها، ودُفن جثمان الشهيدة، في مقبرة سيدي محمد، في الجزائر العاصمة.
رسالة حسيبة بن بوعلي الأخيرة لوالديها
كتبت حسيبة بن بوعلي في رسالتها الأخيرة إلى والديها في 15 سبتمبر 1957: "إنه لأمر فظيع كيف تُفتقد الأسرة عندما تكون بعيداً عنها، أنتما تعرفان أنني مطلوبة وملاحقة هنا في العاصمة. ولكن يستحيل عليّ أن أقف مكتوفة الأيدي. أخيراً، قررت أن انضم إلى الفدائيين، يمكنني أن أقوم بالتمريض، وأيضاً إن لزم الأمر، وهو ما أتمناه من كل قلبي، أن أناضل وأنا أحمل السلاح بيدي. فإن أخذنا الموت التقينا عند ربنا". وختمت رسالتها: " إن مت، لا تبكيا عليّ، لأني سأموت سعيدة، أؤكد لكما ذلك".
بطولات الشهيدة حسيبة بن بوعلي
ما يُعرف عن حسيبة دورها الفعال هي ورفاقها من المجاهدين، في إشعال فتيل ثورة التحرير الجزائرية، ولكن نشاطها النضالي برز بشكل أكبر في عام 1956، حيث أصبحت عضواً نشطاً في خلية الفدائيين بصناعة القنابل ونقلها. وظيفتها كممرضة ساعدتها في الحصول على المواد الكيميائية، التي صنع منها الفدائيون القنابل المتفجرة. بالرغم من الملاحقات لم تتراجع حسيبة، واصلت نضالها ضد الاحتلال الفرنسي، وشاركت في إضراب الـ8 أيام وتفجيرات المقاهي وسط الجزائر العاصمة. كان لها دور كبير في إشعال فتيل معركة الجزائر خاصة بعد التحاقها نهائياً بالمجاهدين بحي القصبة.
معالم على اسم الشهيدة البطلة
تخليداً لذكرى حسيبة بن بوعلي، أطلق على الكثير من المباني والمنشآت الحيوية في الجزائر اسم الشهيدة حسيبة، وأُقيم لها نصب تذكاري.
شارع حسيبة بن بوعلي : يقع "شارع حسيبة بن بوعلي" في قلب العاصمة الجزائرية، أكثر الشوارع استخداماً للناس يومياً، بسبب قربه من منشآت حيوية كثيرة، مثل "ساحة أول ماي" والمستشفى الجامعي "مصطفى باشا".
كما يربط "شارع حسيبة بن بوعلي" بين أكبر الشوارع في العاصمة، مثل "شارع العقيد لطفي" و"شارع الشهيد ديدوش مراد" وساحة "موريس أودان". كما إنه شارع أساسي وممر نحو محطات النقل، سواء محطة "آغا" للقطارات أو محطة "تافورة" للحافلات، فضلاً عن ميناء الجزائر.
جامعة حسيبة بن بوعلي (الشلف): وهي أحد جامعات مدينة الشلف، مسقط رأس الشهيدة البطلة، كانت في البداية مركزاً جامعياً أنشىء في العام 1922، وفي 23 يوليو من العام 2001، أصبح اسمها جامعة "حسيبة بن بو علي" رسمياً بموجب مرسوم تنفيذي. يزيد عدد الطلاب في الجامعة عن 29976 طالباً.
تمثال حسيبة بن بوعلي : كما كرمّت الحكومة الجزائرية الشهيدة حسيبة بن بوعلي، بتخليد ذكراها عبر إقامة نصب تذكاري لها، نصبته وسط مدينة الشلف، مسقط رأسها.
الفيلم السينمائي "معركة الجزائر" : أثرت حسيبة بن بوعلي ورفاقها في نفوس الجزائريين أيما تأثير، كما أثر كل المجاهدين والمقاومين والشهداء. إحترام وتقدير كبيرين، لمن ضحى من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.
تقديراً لشهداء القصبة، ولتبقى ذكراهم خالدة للتاريخ وللأجيال الآتية أُنتج فيلم سينمائي بعنوان "معركة الجزائر" يروي جزءاً من نضال شعب الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي، وكيف تم تفجير المنزل الذي كان يختبىء فيه علي لابوانت وجسيبة بن بوعلي وعمر الصغير ومحمود بو حميدي، بعد رفضم الاستسلام، وكيف اعتقلو العربي بن مهيدي والهادي جعفر.
Comments powered by CComment